سورة الطور - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطور)


        


قوله جلّ ذكره: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ}.
والقومُ عن الدارِ وعمَّن في الدار مُخْتَطَفون لاستيلاء ما يستغرقهم؛ فالشرابُ يؤنِسُهم ولكن لا بِمَنْ يجانسهم؛ وإذا كان- اليومَ- للعبد وهو في السجن في طول عمره ساعة ُ امتناع عن سماع خطاب الأغيار، وشهود واحدٍ من المخلوقين- وإنْ كان ولداً عزيزاً، أو أخاً شفيقاً- فمِنَ المحال أنْ يُظَنْ أنه يُرَدُّ من الأعلى إلى الأدنى.. إِنْ كان من اهل القبول والجنة، ومن المحال أن يظن أنه يكون غداً موسوماً بالشقاوة.
وإذا كان العبدُ في الدنيا يقاسي في غُرْبتَه من مُقاصاة اللتيا والتي- فماذا يجب أن يقال إذا رجع إلى منزله؟ أيبقى على ما كان عليه في سفرته؟ أم يلقى غير ما كان يقاسي في سَفْرته، ويتجرع غير ما كان يُسْقى من كاسات كُرْبته؟
قوله جل ذكره: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ قَالُواْ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِى أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومٍ}.
لولا أَنهم قالوا: {فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا} لكانوا قد لاحظوا إشفاقَهم، ولكن الحقّ- سبحانه- اختطفهم عن شُهود إِشفاقهم؛ حيث أَشهدهم مِنَّتَه عليهم حتى قالوا: {فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} {إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}.
قوله جلّ ذكره: {فَذَكِّرْ فَمَآ أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بَكَاهِنٍ وَلاَ مَجْنُونٍ}.
أي أنهم يعلمون أَنَّكَ ليست بك كَهَانةٌ ولا جُنونٌ، وإنما قالوا ذلك على جهة التسفيه؛ فالسّفيهُ يبسط لسانُه فيمن يَسُبُّه بما يعلم أنه منه بريء.
{أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُواْ فَِإنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُتَرَبِّصِينَ}.
نتربص به حوادث الأيام؛ فإنّ مِثْل هذا لا يدوم، وسيموت كما مات مِنْ قبْله كُهّانٌ وشعراء.
ويقال: قالوا: إنَّ أباه مات شابّاً، ورَجَوْا أَنْ يموت كما مات أبوه، فقال تعالى: {قُل تَرَبَّصُواْ...} فإننا منتظرون، وجاء في التفسير أَنّ جميعَهم ماتوا. فلا ينبغي لأحدٍ أن يُؤمِّلَ موتَ أحدٍ. فَقَلْ مَن تكون هذه صَنعتُه إلاّ سَبَقَتْه المَنيَّةُ- دون أَنْ يُدْرِكَ ما يتمنّاه مِنْ الأمنيّة.
قوله جلّ ذكره: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُم بِهَذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}.
أتأمرهم عقولهم بهذا؟ أَم تحملهم مجَاوزة الحدّ في ضلالهم وطغيانهم عَلَى هذا؟
قوله جلّ ذكره: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لاٍَّ يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُواْ بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُواْ صَادِقِينَ}.
إذا كانوا يزعمون أنك تقول هذا القول من ذاتِ نَفْسك فليأتوا بحديثٍ مثلِه إنْ كانوا صادقين فيما رَمَوْك به!


كلاَ ليس الامرُ كذلك، بل اللَّهُ هو الخالق وهم المخلوقون.
أم هم الذين خلقوا السمواتِ والأرضَ؟


{أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ}.
- أي خزائن أرزاقه ومقدوراته؟ {أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرونَ} المُتَسلِّطون عَلَى الناس؟
أم لهم سُلّمٌ يرتقون فيه فيستمعون ما يجري في السموات؟ {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} ثم إنه سفّهَ أحلامهم فقال: {أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ}.
أم تسألهم عَلَى تبليغ الرسالة أجراً هلم مثقلون من الغُرم والإلزام في المال (بحيث يزهدهم ذلك في اتباعك؟).
{أَمْ عِنَدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} ذلك؟
{أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً} أي أن يمكروا بك مكراً {فَالَّذِينَ كَفرُواْ هُمُ الْمَكِيدُونَ}.
{أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ} يفعل شيئاً مما يفعل الله؟ تنزيهاً له عن ذلك!
قوله جلّ ذكره: {وَإِن يَرَوْاْ كِسْفاً مِّنَ السَّمَآءِ سَاقِطاً يَقُولُواْ سَحَابٌ مَّرْكُومٌ}.
أي إِنْ رأوْا قطعةً من السماء ساقطةً عليهم قالوا: إنه سحابٌ مركوم رُكم بعضه عَلَى بعض والمقصود أنهم مهما رَأَوْ من الآيات لا يُؤمِنون. ولو فتحنا عليهم باباً من السماء حتى شاهدوا بالعين لقالوا: إنما سُكرَتْ أبصارنا، وليس هذا عياناً ولا مشاهدةً.
قوله جلّ ذكره: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاَ قُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ يَوْمَ لاَ يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ}.
أي فأعرضْ عنهم حتى يُلاقوا يومَهم الذي فيه يموتون، يوم لا يُغْني عنهم كيدُهم شيئاً، ولا يُمْنَعون من عذابنا.
قوله جلّ ذكره: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَالِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.
دونَ يوم القيامة لهم عذابُ القَتْلِ والسّبْيِ، وما نَزَلَ بهم من الهوان والخزي يوم بدر وغيره.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}: أَنَّ اللَّهَ ناصرٌ لدينه.
قوله جلّ ذكره: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}.
أنت بمرأىً مِنَّا، وفي نصرةٍ منَّا.
{فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}: في هذا تخفيفٌ عليه وهو يقاسي الصبر.
{وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ}
أي تقوم للصلاةِ المفروضةِ عليك.
{وَمِنَ الَّيْلِ فِسَبِّحهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ}.
قيل: المغرب والعشاء وركعتا الفجر.
وفي الآية دليل وإشارة إلى أنه أَمَرَه أَنْ يَذْكُرَه في كلَّ وقت، وألا يخلوَ وقتٌ من ذِكْره.
والصبرُ لحُكمِ اللَّهِ شديدٌ، ولكن إذا عَرَفَ اطلاعَ الربِّ عليه سَهُلَ عليه ذلك وهان.

1 | 2 | 3 | 4